انتقل إلى المحتوى

شعيب بن صالح

من ويكي شيعة

شُعَيب بنُ صالِح رجلٌ من قبيلة بني تميم، والذي بحسب بعض الروايات ينهض قبل ظهور الإمام المهديعليه السلام، وقد عُدّ قيامه من العلامات غير الحتمية للظهور. وهو يقاتل السفياني بجيشٍ عدده أربعة آلاف مقاتل، تحت رايات سوداء وملابس بيضاء، فيهزمه. وقد ورد في بعض الروايات أنّ الفاصلة بين قيامه وظهور الإمام المهدي هي اثنان وسبعون شهرًا.

بحسب اعتقاد نجم الدين الطبسي، المحقّق في المذاهب الإسلامية، فإنّ شعيب بن صالح وقيامَه، في الروايات المنقولة، قد بلغ من الكثرة ما يجعله متواترًا معنويًا أو على الأقل مستفيضًا؛ غير أنّ الروايات حول صفاته وكيفية قيامه ليست بتلك الدرجة من الاعتبار، والرواية الوحيدة الصحيحة في هذا الباب هي رواية عن الإمام الرضا(ع)، التي تدلّ على أنّ خروج شعيب بن صالح من العلامات غير الحتمية للظهور.

وفي المرحلة التي أعقبت الثورة الإسلامية في إيران، عُدّت شخصيات متعدّدة ـ منهم محمود أحمدي نجاد الرئيس الإيراني السابق ـ في بعض الأحيان شعيبَ بن صالح أو شبيهًا به. وقد اعتبر آية الله السيستاني مثل هذه التطبيقات سببًا في إضعاف معتقدات المجتمع.

هويته

شعيب بن صالح شخصية عربية ترجع أصولها إلى قبيلة بني تميم.[١] إنّ شعيب بن صالح، بحسب ما ورد في الروايات، رجل ربعة أسمر الوجه أصفر كوسج (الذي لا ينبت له شعر في لحيته إلا تحت الذقن) خفيف اللحية.[٢] ويمتاز بالشجاعة والصبر في الحروب بحيث لو قاتل الجبال لهدّها واتخذ فيها سبلاً.[٣]

كيفية قيامه

تحدّث بعض الروايات المرتبطة بظهور المهدي عن شعيب بن صالح واعتبرت قيامه من علائم الظهور.[٤]

إنّ دور شعيب بن صالح بحسب ما جاء في الروايات يبدأ بعد أن يصل السفياني الكوفة، بحيث يخرج كقائد من قادة جيش الخراساني من خراسان على رأس أربعة آلاف راياتهم سود وثيابهم بيض،[٥] فتلتقي الرايات السود بالسفياني بباب إصطخر، [٦] فيكون بينهم ملحمة عظيمة، ويهرب حينها خيل السفياني، ثمّ يكمل شعيب بن صالح حركته متّجهاً نحو بيت المقدس،[٧] بحيث يوطّئ للمهدي سلطانه ويمدّ إليه ثلثمائة من الشام بحيث يكون بين خروجه وبين أن يسلّم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهراً.[٨]

دوره في أحداث الظهور

بحسب ما ورد في الروايات، إنّه بعد انتصار جيش شعيب بن صالح على جنود السفياني، ينضم إليه 300 رجل من الشام، وينـزل بـبيت المقدس ويُعِدّ الأرضية لظهور الإمام.[٩] وبعد 72 شهرًا من خروجه، يظهر الإمام المهدي ويُبايع شعيبُ بن صالح الإمامَ. وفي عدة روايات، قُدِّم بوصفه حامل راية جيش الإمام الثاني عشر للشيعة.[١٠]

محل خروجه

واختلفت الروايات في تعيين محل خروجه، فبعضها تعيّن خروجه بسمرقند، كرواية الشيخ الطوسي التي جاء فيها:"ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند"،[١١] وأخرى تدل على خروجه من وراء النهر.[١٢] وهناك رواية ثالثة تدل على خروجه بالري، رواها ابن حماد عن الحسن قال:"يخرج بالري رجل ربعة أسمر مولى لبني تميم كوسج يقال له شعيب بن صالح في أربعة آلاف ثيابهم بيض وراياتهم سود, يكون على مقدمته المهدي لا يلقاه أحد إلا فلّه".[١٣] وتوجد رواية رابعة تدلّ على خروجه من قبل المشرق، من بلاد خراسان بلاد الثلج، مع الخراساني. إنّه بخروجه يوطئ للمهدي سلطانه، بين خروجه وبين أن يُسّلم للمهدي سلطانه اثنان وسبعون شهراً.[١٤]

دراسة الروايات

يعتقد نجم الدين الطبسي، المحقّق في المذاهب الإسلامية، من خلال فحص الروايات المتعلقة بشعيب بن صالح، أنّ شعيب بن صالح وخروجه متواتر معنوي أو على الأقل بلغ حد الاستفاضة؛ غير أنّ صفاته وكيفية قيامه لم تبلغ حد الاستفاضة.[١٥] وبحسب اعتقاده، فإنّ من بين الروايات حول صفات شعيب بن صالح، الرواية الوحيدة الصحيحة هي رواية الإمام الرضا.[١٦] ويدلّ مفاد رواية الإمام الرضا فقط على أنّ خروج شعيب بن صالح هو من العلامات غير الحتمية للظهور التي تقع قبل ظهوره. يرى نجم الدين الطبسي أنّ أسانيد الروايات الأخرى المتعلقة بشعيب بن صالح تعتريها مشكلات.[١٧] وبحسب قوله، مع أنّ ما يقارب 300 رواية في الكتب الأربعة تتحدث عن المهدوية، إلّا أنّها لم تذكر شيئًا عن شعيب بن صالح.[١٨]

نسبته إلى النبي شعيب

ذكر الشيخ الصدوق في كتاب النبوة، روايةً مفادها أنّ رجلًا يُدعى شعيب بن صالح، هو أحد مبعوثي شعيب النبي، وقد قَتَلَه قومه شهيدًا.[١٩] وعلى هذا الأساس، يرى قطب الراوندي أنّ شعيب بن صالح الذي يَنهض عند ظهور الإمام المهدي(ع)، هو نفسه شعيب بن صالح الذي قَتَلَه قومُه، ثم رجع بعد ذلك.[٢٠] ومع ذلك، فإنّ الشيخ محمد السند، من المحققين المعاصرين، خالف رأي الراوندي، وقال إنّ شعيب بن صالح المذكور في رواية الشيخ الصدوق، هو على الأرجح شعيب النبي، الذي رَجع مع الخضر وإلياس، وهو غير شعيب بن صالح، قائد جيش خراسان.[٢١]

ادعاءات ومصاديق شعيب بن صالح

ادعت جماعات في بعض الدول الإسلامية في الزمن الحاضر، بأنّ هذه الشخصية أو تلك الشخصية هي شعيب بن صالح مستندين على الروايات التي وصفته جسدياً، ومن بين تلك الادعاءات ظهور فلم وثائقي مصور يُشير إلى الرئيس الإيراني السابق أحمد نجاد بأنه شعيب بن صالح، وذلك في عام 2010 م، حيث لُقي ذلك انتشاراً واسعاً في إيران آنذاك.[٢٢] كما أنّ الكثير من مراجع الدين ومن بينهم آية الله السيد علي السيستاني صرّح بأن هذا النحو من الادعاءات يوجب تضعيف عقائد الشيعة.[٢٣]

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. ابن طاووس، الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر، ب 96، ص 53، وب 103، ص 55.
  2. ابن طاووس، الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر، ج 1، ص 54.
  3. ابن طاووس، التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، ص 121.
  4. النعماني، الغيبة، 1426ق، باب 14، ص262، ح12.
  5. ابن طاووس، الملاحم والفتن، ص52-53.
  6. علي الكوراني، عصر الظهور، ص 138.
  7. ابن طاووس، الملاحم والفتن، ص52؛ ابن حماد مروزي، الفتن، ص188؛ المقدسي الشافعي، عقد الدرر، ص195، ح199.
  8. علي الكوراني، معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام، ج 1، ص 399.
  9. ابن طاووس، الملامح والفتن، منشورات الرضي، ص52؛ ابن حماد المروزي، الفتن، دار الفكر، ص213.
  10. الشيخ الطوسي، الغيبة، 1411ق، ص463-464؛ معجم أحاديث الإمام المهدي، 1411ق، ج2، ص105؛ ابن طاووس، الملامح والفتن، منشورات الرضي، ص53 و127؛ ابن حماد المروزي، الفتن، دار الفكر، ص192؛ ابن طاووس، الملامح والفتن، منشورات الرضي، ص44؛ انظر أيضًا: المتقي الهندي، كنز العمال، 1401ق، ج14، ص588، ح39667 و39666؛ ابن حماد المروزي، الفتن، دار الفكر، ص188.
  11. الشيخ الطوسي، الغيبة، ج 1، ص 464.
  12. الإيماني، الإمام المهدي (عج) عند أهل السنة، ج 1، 488.
  13. نعيم بن حماد المروزي، كتاب الفتن نج 1، ص 189.
  14. علي الكوراني، معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام، ج 1، ص 399.
  15. «درس خارج مهدويت- بحث شعيب بن صالح – سنة 90».
  16. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(ع) أَنَّهُ قَالَ: قَبْلَ هَذَا الْأَمْرِ السُّفْيَانِيُّ وَالْيَمَانِيُّ وَالْمَرْوَانِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ، فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا هَذَا (النعماني، الغيبة، 1426ق، باب 14، ص262، ح12).
  17. «درس خارج مهدويت- بحث شعيب بن صالح – سنة 90».
  18. «درس خارج مهدويت- بحث شعيب بن صالح – سنة 90».
  19. الشيخ الصدوق، النبوة، 1381ش، ص139.
  20. الراوندي، الخرائج والجرائح، 1409ق، ج2، ص552، ج3، ص1167.
  21. السند، فقه علائم الظهور، 1425ق، ص44-46.
  22. «ادعاء الشبه بين شعيب بن صالح ورئيس الجمهورية».
  23. «انتقاد آية الله السيستاني بما يرتبط بعلامات الظهور».

المصادر والمراجع

  • ابن طاووس، الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر(عج)، قم - إيران، منشورات الرضي، د.ط، د. ت.
  • ابن طاووس، علي، التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، معهد صاحب الأمر الثقافي (عجل الله فرج الشريف)، قم – إيران، د.ط، 1416 هـ.
  • الإيماني، مهدي، الإمام المهدي (عج) عند أهل السنة، أصفهان – إيران، مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامة، د. ط، د. ت.
  • السيوطي، عبد الرحمن، الحاوي للفتاوي، تحقيق: عبد اللطيف حسن، بيروت – لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، 1421 هـ.
  • الشيخ الطوسي، الغيبة، تحقيق عبد الله الطهراني، أحمد ناصح، قم - إيران، مؤسسة المعارف الإلهية، د.ط، 1411 هـ.
  • الكوراني، علي، عصر الظهور، قم – إيران، مركز النشر مكتب الإعلام الاسلامي، ط 1، 1408 هـ.
  • المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، تصحيح صفوة السقا، بيروت - لبنان، مؤسسة الرسالة، 1401 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 2،‏ ‏1403 هـ.
  • المروزي، نعيم بن حماد، كتاب الفتن، تحقيق سهيل زكا، بيروت - لبنان، دار الفكر، د.ط، د. ت.
  • اليزدي الحائري، علي، إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب، منشورات الأعلمي للمطبوعات، ط1، بيروت ـ لبنان، 1422هـ
  • علي الكوراني، معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام، قم - إيران، مؤسسة المعارف الإسلامية، د.ط، 1411 هـ.
  • «انتقاد آية الله السيستاني بما يرتبط بعلامات الظهور"»، موقع تابناك ، تاريخ إدراج المحتوى: 6 أبريل 2011 ، تاريخ الزيارة: 17 أغسطس 2016 م.
  • «ادعاء الشبه بين شعيب بن صالح ورئيس الجمهورية»، موقع أفتاب نيوز، تاريخ المحتوى: 16 آب (أغسطس) 2010، تاريخ الزيارة: 28 آب (أغسطس) 1397 ش.